لم يكد لبنان يتخلص من القنابل العنقودية الإسرائيليّة، التي القتها الطائرات الاسرائيلية في حرب تموز من العام 2006، والتي حصدت 300 شهيداً والف جريح ومعوّق، حتى عادت والقت في حربها الأخيرة، في أيلول من العام 2024، قنابل عنقودية ليرتفع العبء على كاهل لبنان ومزارعيه، لا سيما أن تلك القنابل استهدفت ضفتي الليطاني، جنوباً بلدات ديرسريان، الطيبة، علمان، الشومرية وبلاط، كما استهدفت شمال النهر بلدات يحمر، زوطر الشرقية، قعقعية الجسر، فرون والغندورية، حيث يقوم فوج الهندسة في الجيش اللبناني بالتنقيب عنها وجمعها وتفجيرها، في السماعيّة والغندورية والقليعة، تجنبا لخطرها على المواطنين، الذين يرتادون الكروم والأراضي الزراعية.
في هذا السياق، يوضح رئيس الجمعية التنظيمية لتجار النبطية والجوار محمد بركات جابر أن "هذه المناطق معرّضة للتصحّر، لأنّه لا يمكن الدخول إليها في الوقت الحالي لحراثتها أو القيام بأي أمر آخر"، ويشير إلى أنها "تحتاج إلى وقت طويل لتنظيفها من القنابل العنقودية بمساعدة المؤسسات الدولية".
ويكشف جابر أن "المساحات المتضرّرة بالكامل بلغت أكثر من 3220 دونماً، كما طالت الأضرار أكثر من 60000 شجرة زيتون تعتبر من الأشجار المعمّرة، فضلاً عن أشجار الصنوبر والسنديان والحمضيّات والقمح، بالإضافة إلى تضرر أكثر من 2000 خيمة زراعية و36 مزرعة".
ويشدد جابر على أن "آلاف المزارعين اضطروا إلى ترك مزارعهم في القرى الجنوبيّة، الأمر الذي ترك تداعياته المباشرة على الإنتاج النباتي والحيواني"، ويوضح أن "الخسائر في الثروة الحيوانية تقدر ما بين 25 و30% في قرى الجنوب، ووصل في بعضها إلى 100%، مثل بلدات الخيام والعديسة ومركبا وسهل مرجعيون، بالإضافة إلى المناطق التي طالها العدوان الإسرائيلي في البقاع، حيث تتركز الثروة الحيوانية فيها بعد مناطق عكار".
من جانبه، يلفت مدير مؤسسة جهاد البناء في يحمر الدكتور المهندس ناصر عليق إلى أن "القنابل التي استخدمتها إسرائيل في حربها تعوق استعادة القطاع الزراعي نشاطه، وهي الفوسفور الأبيض المحرم دولياً، والقنابل العنقودية، التي تعتبر أخطر منه"، ويشير إلى أنها منتشرة في بيئة المناطق والقرى على تخوم الخط الأمامي الجنوبي".
بدوره، يؤكد نائب رئيس بلدية يحمر الشقيف فؤاد قرة أنها شرّ مستطير وخطر دائم، وهو ما يقوم بمعالجتها الجيش اللبناني والجمعيات الدولية والمحليّة، بالإضافة إلى قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان "اليونيفيل".
يبقى أن نشير في النهاية الى انّ الحرب الاسرائيلية الّتي لم تكد تداعيات عام 2006 تندمل مع مرور الزمن، بعد المجازر الّتي ارتكبت وقتذاك، حتى عدنا الى نقطة الصفر من جديد، مع الانتهاكات التي حصلت مع الحرب المدمّرة الأخيرة، والتي كانت حرب ابادة بامتياز للبشر والحجر والشجر على السواء، ليتبيّن الحقد الاسرائيلي الاعمى تجاه لبنان وما يمثلّه تجاه مطامع اسرائيل في المنطقة، وهي الّتي لا تتورّع من ضرب القوانين الدولية في عرض الحائط ومخالفتها لكل الاعراف والمواثيق الأمميّة.